قصة وعبرة
يحكى أنه كان هناك رجل يعشق التجول بالغابات والتمتع بالطبيعة الخلابة والحياة البرية الهادئة، وبينما كان يسير في الأدغال مستمتعا بالمناظر الطبيعية الجميلة والتلال إذا به يسمع صوت عدوٍ يتجه ناحيته من الخلف، والصوت في ازدياد، لم يملك الرجل من أمره شيء إلا أن يلتفت خلفه ليرى ما الذي يجري.
وإذا به يجد خلفه أسداً ضخما للغاية، من هول منظره ارتعد كامل جسده، استجمع الرجل رباطة جأشه وبدأ في الركض بكل ما أوتي من قوة، والرجل يركض مسرعا والأسد خلفه يتبعه بكل بقعة من بقاع الأرض لا يتركه.
وحالفه الحظ فإذا به يجد بئرا عميقا، وعلى الفور ألقى بنفسه بداخلها دون تفكير، وأثناء ذلك تشبث بحبل ممدود داخل البئر العميق، وأخذ يتأرجح بالحبل يمينا ويسارا وقلبه من شدة القلق والخوف يكاد يسقط من مكانه.
وما إن التقط أنفاسه وهدأ روعه إذا به يكتشف ثعباناً أسوداً ضخما يرقد بقاع البئر من تحته، وبينما كان الرجل يفكر في طريقة للتخلص من الأسد الذي ينتظره بالأعلى والثعبان الأسود الذي ينتظره بالأسفل إذا بفأرين أحدهما أبيض اللون والآخر أسود اللون يقرضان الحبل بالأعلى.
أصابت الرجل نوبة هلع من مصيبة ما يمكن للفأرين أن يفعلاه به، فبعد قليل من الوقت سينقطع الحبل به بفعلتهما ويسقط بأعماق البئر حيث الثعبان الأسود الضخم فيلدغه وتكون نهايته مأساوية.
لم يجد حلا سوى أن يحرك جسده يمينا ويسارا فيتحرك الحبل، وبذلك يتمكن من الخلاص من الفأرين بأن يرحلان ويتركان الحبل وشأنه، ويتركانه في مصيبته.
وبينما يحرك الحبل يمينا ويسارا إذا بمرفقه يصطدم بشيء لزج كالوحل، فأخذ يتذوق العسل ومن شدة الحلاوة التي كان عليها نسي الرجل كل شيء من حوله، لقد نسي الموقف الصعب المريع الذي يواجهه وانغمس في تذوق العسل اللذيذ.
وإذا فجأة يستيقظ الرجل من نومه، لقد كان حلماً ولكن ما أصعبه من حلم، فقرر الرجل على الفور الذهاب لعالمٍ يفسر له ما رأى بمنامه، فقد رأى ما جعله يحمل الهم بقلبه واليقين بأن ما رآه سيغير كثيرا في حياته إن استطاع أن يفسره.
وعندما روى للعالم ما رآه، تأمل العالم فيما قيل له وقال: “إنما الأسد يا بني الذي كان يركض خلفك إنما هو ملك الموت وهو يطلبك، والبئر العميق الذي بقاعه الثعبان إنما هو قبرك، أما الحبل الذي كنت تتعلق به فهو عمرك، والفأران الأبيض والأسود فهما النهار والليل يقصان من عمرك”.
اندهش الرجل من كلام العالم وسأله: “وما العسل إذاً؟!”
فقال له العالم: “العسل هو الدنيا ومن شدة حلاوتها أنستك ما ورائك من ملك موت ينتظرك وحساب
تعليقات
إرسال تعليق